20 يناير 2010

ستشرق عند الغروب

(إلى كل شهيد وهب الأرض أنفاسه)
اندفعت السيارة تجوب الشوارع بلهفة, تقطع الطريق في شوق للوصول إلى أحضان القرية الحنون.استغرقت في تأمل عميق وأنا أتابع الطريق من نافذة السيارة, كان الشارع يعج بالزحام والسيارة بالكاد تتحرك.أصوات الأبواق تملأ الأجواء بالضجيج ,والأعلام الصفراء ترفرف بحرية، تزف تهاني النصر والعودة السالمة.دموع الفرحة جاءت هي الأخرى لتشارك ابتسامة النصر سعادتها ,لترسم لوحة عرفان تتقدم بها إليكم انتم الذين رويتم ظمئ الأرض من ينابيع حياتكم, لتخلدوا في كل قطرة ماء تستقى بها الحقول وكل حبة قمح تعجنها أم لتطعم بها أطفالها.فرحتنا يا أخي ينقصها وجودكم, لكنها ما كانت لتتم لولا رحيلكم ,فبه حلت ومن دونه تزول,هكذا علمتني أنت فهل تذكر ذلك؟!عندها كنت على مشارف الرحيل حين أجلستني بجانبك بادرتك متضايقاً: لماذ الرحيل؟أجبتني مبتسماً: لأن الأرض تحتاج إلى ذلك.ثم أردفت تقول وأنت تربت على كتفي وعيناك تحلقان بعيداً:ستشرق عند الغروبلم افقه حينها ما تقول, فمن التي ستشرق وعند أي غروب ,وحين سألتك مستفهماقلت لي: ستفهم ذلك.... أعدك.غادرتني وأنا غارق في حيرتي ,وتوالت أيام الحرب بطيئة قاسية حتى بلغنا خبر استشهادك ,كنا في غاية الفخر والاعتزاز رغم ذلك لم اعثر على الجواب, بقيت أترقبه فإذا به يأتي بعد طول انتظار, لقد تجلت عبارتك تلك بوضوح,و رفعت اللثام عنها لتغدو جلية للعيان, فقد أشرقت شمس النصر حين غادرتم الدنيا بعدما وهبتم الأرض دماء قلوبكم.بعد طول انتظار بانت من بعيد أعتاب قريتنا الحبيبة, انطلقت بنا السيارة مسرعة لترتمي في قلب القرية التي أعياها القصف وسلب منها الحياة ,اغلب البيوت فيها دمرت وجزء كبير من الحقول التهمته النيران الحاقدة, حقل الحاج احمد لم يسلم هو الآخر من النيران فقد ضاعت أشجار الزيتون وذهب حصاد العام الجديد أدراج الرياح كذلك هو الحال بالنسبة لمنزلنا فقد تهاوى جزء منه بينما بقي جزءه الآخر صامدا, حديقة المنزل الصغيرة احترقت بالكامل.استهوتنى فكرة البحث بين الأنقاض ولكن طلب منا الحذر فالعدو قد خلف وراءه فضلات حقده ليقتل حتى الرمق الأخير,لكن أتعرف ماذا وجدنا بين الأنقاض؟ صورة في إطار تكسرت أطرافها وتشوه جزء من معالمها لكن جزء منها بقى واضحا وكأن لم يمسسه شيء, لقد أطل وجهك في تلك الصورة بابتسامته الهادئة مشرقا وكأنه يضيف لتلك العبارة تفسير آخر. Khadeeja taher 21-1-08 Monday 3:37 pm

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق