صورة الأب الذي يضم رضيعه وهو ملفوف في كفنه أثارت الألم
بداخلي وعادت بي إلى 1368 عاما من الآن حين ضم الحسين (ع) رضيعه وقد ارتكز سهم
الغدر في نحره و دفعتني لأن أكتب هذه القصة
- كل الآباء يتسنى لهم أن يقبلوا أبناءهم في وجناتهم الصغيرة أو جباههم أو أياديهم الناعمة قبل أن يخلدوا إلى نومهم القصير، فلماذا لا يتسنى لي أنا أن أقبلك في وجهك أو حتى القي عليك نظرة وداع أخير قبل أن تخلد إلى نومك الأبدي, لماذا أراني أحملك بين ذراعي وقد احتجب وجهك بقماش ابيض لفت به أطرافك بإحكام شديد.أتذكر عندما قدموك إلي ملفوفا بقماطك الأبيض الصغير كنت حينها في غاية السرور ولم يخطر ببالي أبدا أنهم سيقدمونك إلي ملفوفا بذلك القماط من جديد، لكن وجهك الذي كان يطل من بين قماطك الصغير مستفهما معالم هذا العالم الغريب قد انطوى تحت ذلك القماط ليحتمي من أنياب العالم التي غدرت بك.......لماذا يا حبيبي تغادرني بهذه السرعة؟!.... لماذا؟!.... قالها مخاطبا طفله وهو يضمه إلى صدره بكل وجد وألم وقد تأجج الحزن بداخله لقد تبددت أحلامه كم كان يتمنى أن يكبر ذلك الصغير ليرافقه إلى حيث يذهب, يتعلق بأذياله رافضا الابتعاد عنه، يسير إلى جانبه يمسك بسبابته بإحكام خشية أن تفلت منه حتى يتخدر إصبعه، وكم تمنى أن يراه يركض أمام عينه يداعب أقرانه يمازحهم حينا ويختلف معهم حينا آخر أو أن يلح عليه لشراء لعبه استهوته أو مرافقته إلى المتنزه الكائن خلف منزلهم،لماذا تغادر الأحلام بسرعة لماذا لا تكتمل الضحكة، لماذا تخنق البراءة دوما، مالها الذئاب تأبى إلا أن تفتك بالحمل! قبل صغيره أشبعه لثما ,ثم سجاه بجوار جثه أمه التي رقدت هي الأخرى بهدوء بعدما انتزعت الصواريخ الخرقاء الحياة منها بقسوة، لقد تبدد كل شيء في لحظات، حين أغارت الطائرات الغاشمة على ذلك الملجئ الصغير الذي أوى إليه الكثيرون للاحتماء من حمم الحقد الغاصب لكن صواريخه تسللت إلى آمال ؤلائك اللاجئين فمزقتها أشلاء مبعثره . لقد ظن انه المكان الوحيد الذي يمكن اللجوء إليه فطلب من زوجته إن تتوجه إليه بأقصى سرعة، لكن عيون الذئاب كانت تترصد أنفاس الخائفين لتطفئها، لم يخامره شعور قط بخطورة ذلك المكان لقد امن على حياتهما تحت ذلك السقف الذي سرعان ما تهاوى ليحيلهما أشلاء، اتصل بزوجته ظهرا اخبرها أن المنطقة أصبحت تحت القصف وان عليها إن تتوجه وصغيرها إلى الملجأ فهو المأمن الوحيد. أجابته بتردد:هل أنت واثق بان المكان آمن؟! أجابها :وهل تجدين مكان أكثر أمانا منه ؟، المنطقة ستقصف لا محالة والملجأ هو المأوى الوحيد. قالت بلهجة خائفة:حسن, سأذهب وأمري إلى الله. رد بأسلوب مطمئن:توكلي على الله يا عزيزتي. خرجت تحل طفلها بين ذراعيها, تخفيه تحت طرف عباءتها تحث الخطى نحو الملجأ, دخلت, كان المكان مليء بالنساء والأطفال كل هؤلاء قصدوا هذا المكان احتماء من براثن العدوان، بادرتهن بالتحية جلست وصغيرها تستريح فقد أرهقها السير المتواصل فبيتها يبعد مسافة ليست بقصيرة عن هذا المكان مرت عليها اللحظات طويلة طويلة, تلاعب الخوف بقلبها إنها تشعر أن ثمة شيء سيقع يبدوا أنها لن ترى الشمس من جديد.... انصرمت اللحظات ببطء قاتل تسلبها الصبر لحظة بعد لحظة، هكذا دائما حين تكون قلقا لا يمضي الوقت بسرعة ,لكن المساء حل أخيرا، خيم في صمت عميق، ضمت إليها طفلها وأسندت ظهرها إلى الجدار، أطرقت تحدق بوجه صغيرها لقد أصبح مشاكسا قليلا تذكرت... في الأسبوع القادم وفي مثل هذا اليوم سيكمل عامه الأول، لكن هل ستمهله الأيام حتى يطفئ شمعته الأولى أم أنها ستطفئها أولا!،تزاحمت الدموع في عينيها و انسابت على وجنتيها المشتعلتين مسحها طفلها ببراءة وهو يداعب وجهها بعفوية ضمته إليها واستلقت على جنبها وضعت ذراعها تحت رأسه وأخذت تمسح على رأسه بكفها الأخرى ثم سرعان ما غطا في نوم عميق لم يفيقا منه أبداً.11 محرم 1429 ............. الأحد....................20 يناير 2008 24:50
السلام على الحسين و اصحاب الحسين
ردحذفكلمات تخرج من خلايا الاحاسيس لتقظ التمردة في كياني....
كلمات جملية واتمنى لك كل التوفيق
سأتابع كل جديدك
"عندما يكون الظلم هو الجزاء...
عندما تكون الانسانية في قائمة السفهاء
تموت أنت و أنا قبل نزول البلاء....
فتحل اللعنة السلطانية على الضعفاء...
و تستحيل الليلة البدرية
الى ليلة ظلماء"