فنجان مر

مشاعر طفولية صغتها في قصة من الخيال الواقعي جدا ،" تقدرون تسمونها ثرثرة"

- كبرت لبنية ما شاء الله... سرعان ما امتدت يدها لتقرص خدي دونما رحمة، لترتفع بعدها يدي، تمسح موضع القرص المؤلم بشيئ من السخط الطفولي، كنت أختبئ خلف والدتي وهي تمر مصاحفة بيدها جمع النسوة الكبير، يا إلهي كم أكره مثل هذه الزيارات، إنها تصيبني بالانقباض، أخيرا اتخذنا مكاننا في المجلس، جلست منطوية التصق بوالدتي بشدة، احدق في الوجوه الغريبة وأثاث المجلس الممتد والمصابيح شديدة الاضائة، لينقض شرودي بعده على صوت امرأة قالت مخاطبة والدتي والنسوة الاتي بجانبها وهي تدفع نحوهن صينية " القدوع" الشهية، أكثر ما لفت انتبهاي هو "دلة" القهوة .. كم أتوق لتذوق هذا الشيئ المحظور على الأطفال، لكني وقبل أن أفكر في التقاط أي شيئ من الصينية، دارت في رأسي كل وصايا والدتي وتهديداتها فازدردت ريقي واكتفيت بالنظر راجية الأم بالتعطف علي وتقديم أي شيئ في الصينية لحضرتي، أخيراً سمحت لي بتناول الشيئ القليل من الصحون المجانبة لي، عادت أنظاري لتصوب ناحية "دلة" القهوة من جديد، فكرت في المخاطرة والطلب من والدتي السماح لي بتذوقها ولو لمرة واحدة، فالتفت لها وههمت لها بصوت مرتبك: ماما يصير أشرب قهوة، تشوونة بس..- مو زينه ليش يماما هذي حق الكبار..لكن صوت المرأة بجانبها جاء ليقطع عليها رفضها ذاك- خليها تشرب شوي مسكينةسررت جدا ابتسمت والدتي لي وهي تسكب الشيئ القليل من القهوة في الفنجان المزخرف الجميل، امتدت أصابعي المرتعشة لتمسك بالفنجان محاولة السيطرة عليه حتى لا تنسكب القهوة رغم أنها لا تكاد تصل إلى المنتصف، أخيرا قربته من فمي أخذت نفسا عميقا محاولة جذبها إلى فمي إلا أن نفسي قد نفذ قبل أن تصل إلى شفتي، بعد جهد وصراح استطعت ارتشاف القليل ولكن يال الصدمة- كخخ ويش ده!!!بصقت ما كان بفمي دون ارادة لتحدجني والدتي بنظرة غاضبة قلت مبررة فعلتي الحمقاء الغير متعمدة طبعا- مرررر-قلت ليش اني لكن انتين ما تسمعين الحجي تستاهلينأطرقت باحراج خاصة ان أنظار بعض النسوة القريبات قد توجهت نحوي، ياللنسوة الغريبات ماذا يعجبهم في هذا الشيئ ذو الطعم السيـــئ! طالما كنت أرى جدتي ترتشف أكثر من فنجان في المأتم وتسكب ما يتبقى على كفيها، لكني كنت أستحق ذلك..

خديجة طاهر 00:20 السبت 2010-2-27